|
|
|
|
||||||||||||||||||||||
1 في ليلة مظلمة من ليالي مارس .. حيث خيم السكون على كل شيء من ذلك الحي الهادي .. وفي ساعه متأخرة من الليل .. حيث بدأت ساعة الصفر في الجري وكأني اسمع دقات عقاربها تتحرك في دقاتٍ اشبه ما تكون بدفات قلب انسان .. سمعتُ تأوهات ألم من منزل قديم في طرف الحي .. وأظنها تأوهات امرأة قد اوجعتها آلام المخاض .. خلى ذلك البيت من الرجال ما عدا صبيين أكبرهم في الخامسة عشر من العمر او اقل .. وأمها المرأة الكبيرة المكسورة الجناح .. بدأت تسليها ببعض ما تحفظ من آيات القرآن الكريم وهي حائرة في أمرها .. فإلى من الملجأ. وأبو البنت قد توفي منذ اشهر .. وحتى لو كان حيا فلن يستطيع أن يهب لفعل أي شيء .. فقد قضى باقي ايامة كسيرا لا يستطيع النهوض من مكانه .. وزوج البنت ليس في المنزل ليلتها فقد جرت العادة ان يبيت بالتناوب بين زوجتيه الإثنتين .. ولسوء الحظ كانت تلك ليلة ضرتها ..
الناس نيام ، فإلى من تلوذ .. فلجأت لله
تتوسل .. وتدعوه بأن تمضي هذه الليلة على خير
.. عمرهما ..اياد وفضة وأحمد الذي يصغرهم بسنه واحدة فقط.. جعلتهم صراخها يفزعون من نومهم . وكأنه كابوس ليروا امهم تلك المرأة الشامخه ملاذهم الوحيد .. تتلوى امام أعينهم ..
فهبوا ليتمرغوا تحت ساقيها المرتعشتين .. مرعوبين
فزعين مذهولين مما يشاهدون .. يمسك كل واحد منهم بطرف من اطرافها .. وهي تردد
الآه تلو الآه ولا
من مغيث .. فهي امرأة ضعيفه .. فما عساها ان تفعل في مثل هكذا موقف .. فتحت الباب .. تلفتت يمنة ويسرى لا أحد .. فمن عساه يكون خارج منزله في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل .. تلفتت تارة أخرى .. لا أحد .. رجعت للدار وكل قواها تكاد تنهار .. ولكنها كانت تتمسك بأمل كبير وهو سلواها الوحيدة .. كانت تعلم بأن الله معها .. فهو لن ينساها لن يترك ابنتها تموت في دارها وهي على هذا الحال ..
جلست
قليلا تراقب الوضع ..حاولت ان تبعد الصغار عن امهم وتبقيهم في الغرفة المجاورة ولا
فائدة .. فالصغار متمسكين بأمهم وكأنها الطود الذي يمنعهم من الإنجراف في الطوفان
.. فتوجهت لباب الدار .. ورفعت كفيها للسماء .. متوجهتا بالدعاء .. وهي تنظر لذلك القمر الملبد بالغيوم السوداء (( الهي اني وقفت ببابك .. اسألك بحق اعز خلقك عليك ان لا تردني خائبة .. فما لي امل الا انت ))
جرجت من المنزل .. توجهت يسارا فلم ترى أحد يملك سيارة ليقوم بإيصال ابنتها للمستشفى .. غيرت وجهتها وعادت للبيت لتطمئن على الصغار وامهم .. فإذا بها تسمع تأوهات ابنتها وقد ارتفعت .. وصغارها يزدادون رجفة وخوفا .. خرجت مسرعة هذة المرة ... وهي لا تدري اين تولي وجهها .. او الى اين مقصدها .. ولكنها بقيت متمسكة بالأمل الباقي وهو الله .. موقنة بأنه معها لن يخذلها.. وحقا صدق حدسها .. فهاهي سيارة محمد علي وهو اقرب الجيران لهم واقفة على باب دارهم .. هذا يعني بأن محمد على في البيت .. وقد عاد من العمل .. وبلا تردد .. أسرعت لتطرق الباب .. ولم تبالي بتأخر الوقت .. فقلبها يتقطع وهي تتخيل ابنتها تتلوى.. طرقت الباب مجددا.. فلعلهم لم يسمعوا في المرة الأولى.. أعادت الكرة..ولكنها في هذه المرة التقطت حجرا من الأرض لتطرق به تلك البوابة الحديدية الصلبة القديمة.. هنا كأنهم سمعوا.. فهاهي تسمع صوت حركة متثاقلة من الداخل.. هنا كانت زوجة محمد علي تهزه خائفة ليستيقض.. فهو لا زال منهكا بعد مجيئه من العمل.. ظنا منها بأنها الشرطة.. فقد كان الجو مكهربا نوعا ما بسبب ما جرى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد انتصار الثورة هناك.. وخوف الحكومة السلطات من أن تتكرر التجربة في البحرين.. ولكن محمد علي تشجع ونهض غير مبال بما سيجري.. توجه للباب. وخلف الباب كانت ام حسين تطرق الباب بكل ما تبقت لها من قوة..
صاح محمد علي.. من
الطارق.. شرطة ؟!!
وتلمست ألطاف الرحمة الربانية متجسدة في توفير أسباب العون.. بدأت
تكفكف دموعها التي واصلت الانهمار لوقت ليس بقليل..
|